قطاع غزة، الأرض الفلسطينية المحتلة – "نزحت أنا وأسرتي أكثر من 18 مرة"، قالت ريمان في الأسبوع الماضي، قبل فترة قصيرة من بدء وقف إطلاق النار الحالي. "نحن نعيش في مكان أقرب إلى القبر".
فرّت ريمان وعائلتها مؤخرًا من شمال غزة إلى خان يونس سيرًا على الأقدام، حاملين ما استطاعوا حمله. ريمان حامل، وتخشى الولادة في ظل الظروف الحالية، وقد أنهكها الجوع والإرهاق والخوف. الجوع لا يفارقها، وتفقد وعيها باستمرار خلال النهار بسبب نقص الطعام.
أزمة للأمهات والنساء الحوامل
يُقدر أن 55,000 امرأة حامل ومرضع تعاني من سوء تغذية حاد في غزة، مما يُفاقم من عواقب الولادة الكارثية للأمهات والمواليد الجدد. وتُعتبر حالة حمل واحدة من كل ثلاث حالات حمل عالية الخطورة، ويشكل المواليد الخُدّج ومنخفضو الوزن عند الولادة ما بين 60% و70% من المواليد الجدد، مقارنةً بنسبة 20% قبل تشرين الأول/أكتوبر 2023.
بعد عامين من الصراع المتواصل، أصبح الحصول على خدمات رعاية صحة الأم محدودًا للغاية. ويعاني النظام الصحي في غزة من الدمار، حيث تضررت أو دمرت حوالي 94% من المستشفيات، وتأثر حوالي ثلث المرافق الصحية.
قالت ريمان لصندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية: "يكلف الوصول إلى مستشفى الأقصى 50 شيكلًا [حوالي 15 دولارًا]. لا أملك حتى 5 شيكل [دولار واحد] حاليًا. بالكاد أستطيع رعاية أطفالي".
ومع ذلك، فهي متمسكة بالأمل، ومناشدتها بسيطة وعالمية: "أول ما نحتاجه هو الأمان. لا نريد المزيد من سفك الدماء. نريد الاستقرار".
نور حامل ونازحة أيضًا، وهي تُدرك تمامًا تأثير الصراع على جنينها. قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان أثناء مفاوضات وقف إطلاق النار: "كنت أشعر بركلات الجنين وخوفه من دوي القصف".
لم تتمكن نور من الحصول على رعاية ما قبل الولادة، مما زاد من قلقها على صحتها وصحة طفلها. ورغم الصعوبات الجمة، يبقى أملها في مستقبل طفلها دافعًا قويًا: "أدعو الله أن يكون العالم أفضل حالًا عندما يولد طفلي".
أطفال يولدون في الصراع
كانت إيمان وعائلتها من بين 450 ألف شخص فروا مؤخرًا من مدينة غزة بعد تصعيد إسرائيل لعدوانها العسكري. وقد تشردت عائلتها مرات عديدة لدرجة حتى أنها لم تعد تعلم عددها. أنجبت مؤخرًا، واستطاعت رغم كل الصعاب الوصول إلى المستشفى، ولكن بعد الولادة، اضطرت للعودة سيرًا على الأقدام إلى خيمة عائلتها.
بعد أسابيع، ينام مولودها الجديد وأطفالها على البطانية الوحيدة للعائلة على الأرض، وتخشى إيمان باستمرار أن تهاجمهم الكلاب الضالة ليلًا. لا توجد مياه نظيفة، والحشرات والبعوض يزعجانهم.
إيمان تُكافح أيضًا للحفاظ على حياة مولودها الجديد: "عندما كان عمره أسبوعين، نفد حليب الأطفال، ولم يكن هناك شيئا آحر أستطيع أن أطعمه إياه. أصبح يُعاني من سوء التغذية... اضطررتُ لإطعامه بسكويتًا، مع أنني كنتُ أعلم أن ذلك خطير".
توسّلات إيمان مليئة بالإرهاق: "نريد فقط أن نرتاح. لا نريد أن نسمع أصوات القصف وإطلاق النار بعد الآن. نريد العودة إلى ديارنا".
أمل هش واحتياجات ملحة
يُقدّم اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بصيص أملٍ طال انتظاره للنساء الفلسطينيات. ورغم أنه قد أنهى القتال، إلا أنه لم يُنهِ الأزمة. فبعد عامين من المعاناة المتواصلة، تُركت النساء بلا أي شيء - لا طعام، لا ماء، لا مأوى، لا رعاية صحية، ولا راحة بال.
يُوسّع صندوق الأمم المتحدة للسكان نطاق استجابته في غزة لدعم واستعادة الخدمات المنقذة للحياة للنساء والفتيات، بما في ذلك رعاية الأمومة. في 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول، سُلّمت المعدات والإمدادات الطبية الضرورية للغاية، والتي كانت مُخزّنة مسبقًا داخل القطاع، بما في ذلك أسرّة الولادة، وأجهزة مراقبة الأجنّة، وحضّانات، إلى مستشفيات المعونة الطبية البريطانية (يو كي ميد)، والكويت، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومستشفى العودة، ومستشفى ناصر، ومستشفى الخير، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
هناك المزيد من الإمدادات المنقذة للحياة في طريقها لتعزيز واستعادة خدمات الصحة الإنجابية في جميع أنحاء غزة.
مع ذلك، فالشتاء يقترب، وليس هناك وقتٌ لنضيعه. يجب ألا يكون هذا فَجرًا كاذبًا آخر؛ يجب الحفاظ على وقف إطلاق النار واحترامه، وفتح جميع المعابر، ودخول سيلٍ هائلٍ من المساعدات إلى غزة.
ويجب أن تكون الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات محورية في الاستجابة الإنسانية الفورية، وعلى المدى الطويل، يجب تمكينهن ودعمهن للتعافي والازدهار ولقيادة إعادة بناء مجتمعاتهن.